حياة غامضة: استعادة الذكريات السابقة

الخميس، 19 أغسطس 2021

استعادة الذكريات السابقة

الذكريات المكبوتة هي ذكريات حُجِبت بشكل غير واعي نتيجة لارتباط الذاكرة بمستوى عالٍ من الإجهاد أو الصدمة. تفترض النظرية أنه على الرغم من أن الفرد لا يستطيع استحضار الذاكرة إلا إنه لا يزال يؤثر عليها دون أن يشعر،وأن هذه الذكريات يمكن أن تظهر في وقت لاحق في منطقة الوعي. كانت الأفكار المتعلقة بالذاكرة المكبوته التي تخفي الصدمة عن الوعي جزءًا مهمًا من عمل سيغموند فرويد في التحليل النفسي.ذكريات مكبوتة هو موضوع مثير للجدل للغاية في علم النفس. على الرغم من أن بعض الدراسات قد خلصت إلى أنه يمكن أن يحدث بنسب متفاوتة، إلا أن العديد من الدراسات تشك في وجودها بالكامل. يدعم بعض علماء النفس نظرية الذكريات المكبوتة ويدعون أن الذكريات المكبوتة يمكن استردادها من خلال العلاج، ولكن معظم علماء النفس يجادلون أنه يتم إنشاء ذكريات خاطئة عن طريق مزج الذكريات الفعلية والتأثيرات الخارجية. خلصت إحدى الدراسات إلى أن الذكريات المكبوتة كانت أعراض ثقافية بسبب عدم وجود دليل مكتوب على وجودها قبل القرن التاسع عشر، ولكن نتائجها كانت محل اعتراض من قِبل بعض علماء النفس وتم الاعتراف في النهاية بعمل عام 1786 يناقش ذاكرة مكبوته بالرغم من وقوف الآخرين بجانب فرضياتهم.

وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية..فإنه من غير الممكن التمييز بين الذكريات المكبوتة والذكريات الكاذبة دون وجود أدلة مدعومة. يقابل مصطلح الذاكرة المكبوتة أحيانًا مصطلح "فقدان الذاكرة الانفصامي" والذي يتم تعريفه من خلاص "الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقلية" على أنه: عدم القدرة على استدعاء المعلومات الذاتية.

وفقًا لمايو كلينيك.. يشير فقدان الذاكرة إلى أي حالة يتم فيها نسيان ذكريات مخزنة في الذاكرة طويلة المدى بشكل جزئي أو كلي عادةً يكون بسبب إصابة المخ. وفقًا لمؤيدي وجود الذكريات المكبوتة فإن مثل هذه الذكريات يمكن استعادتها لسنوات أو عقود بعد الحدث من تلقاء نفسها بسبب استثارتها من خلال رائحة معينة أو التذوق أو عن طريق التلميح خلال العلاج النفسي.

و تعرف عملية العودة في الذاكرة  Memory Regression على أنها ممارسات تساعد المرء في إستعادة ذكريات ضلت لسبب ما طريقها إلى عقله الواعي فاستدعى ذلك استرجاعها من العقل الباطن من خلال حثها على الحضور بواسطة جلسات التنويم الإيحائي (المغناطيسي) أو ممارسات تأملية أخرى كاليوغا حيث يجري خلال هذه الممارسات إستعراض أحداث هامة في حياة المرء ويزعم البعض أن بوسعها إستعادة حتى ذكريات الحياة الماضية التي سبقت الحياة الراهنة.






أساطير ومعتقدات
تذكرالأساطير الدينية الصينية المستندة إلى معتقدات تناسخ الأرواح أن عدم تمكن الأرواح من تذكر حياتها الماضية مباشرة ناجم عن فعل (منغ بو) والمشهورة باسم  " ربة النسيان " حيث تزعم الأسطورة أنها تسقي الأرواح شراباً مراً يمحو كافة الذكريات قبل ركبها لعجلة التناسخ.

وذكرت تجربة العودة في الذكريات في "الأوبنشاد" من الهند القديمة لكن جرت مناقشتها بمزيد من التفصيل في "يوغا سوترا" لـ (باتنجالي) وهي أحدى اشكال ممارسة اليوغا في الهند والتي كتبت خلال القرن الثاني قبل الميلاد وناقشها الباحث الهندوسي (باتنجالي) حيث قال : " إن الروح ترهق بتراكم الأفكار والإنطباعات التي كانت جزءاً من (كارما) حياة سابقة ، و كارما تعني في الهندوسية العمل أو الفعل ، وأطلق (باتنجالي) عليه اسم " استرجاع ذكريات حياة سابقة" - Prati-Prasav - وتعني حرفيا " المسار الرجعي للولادة "  ويستخدمها (باتنجالي) اليوم كممارسة في بعض أنواع اليوغا .

التنويم الإيحائي (المغناطيسي)
لا تساعد العودة في الذاكرة  في التنويم المغناطيسي على الكشف عن الذكريات فحسب بل يمكنها أيضاً العثور على عنصر مفقود في الذاكرة المتراكمة وتعتبر هذه الممارسة وسيلة يعتمد عليها لإستئصال العوامل الخفية المسببة لفقدان الذاكرة أو قمعها، ففي أحيان كثيرة يكون الإجهاد أو القلق المفرط أحد المسببات كما يمكن أن يكون هناك أسباب غير معروفة تكمن في العقل الواعي ، ويبقى العقل الباطن مستودع ضخماً لكافة الذكريات.

وتعتبر الصلة الجيدة بين الشخص والمنوم الإيحائي عامل مهم للغاية في إنجاح عملية العودة في الذاكرة ، إذ يمكن من خلال مساعدة المنوم الكشف عن مفاجئات ماضية ذات حساسية وشخصية ، كما تعتبر الثقة والراحة أمران ضروريان لتحقيق الأهداف المرجوة.

وتقول مزاعم أن التنويم الإيحائي قادر على إستحضار حياة من الماضي أو ما يسمى بـ PLR - Past Life Recall حيث يعتقد البعض ممن يؤمنون بمعتقدات تناسخ الأرواح Reincarnation أن بإمكانها أن تقود إلى تجربة روحية عميقة أو صحوة ، بينما البعض الآخر يعتبرها نتاج أوهام من صنع العقل الباطن ، لكن محترفي جلسات التنويم الإيحائي يجمعون على أنها وسيلة مساعدة في العلاج النفسي كما لا يدعون بأن هذه التجربة تقود دائماً إلى ذكريات حياة ماضية إذ يرون أن بإمكانها استحضار ذكريات منوعة بما فيها الأوهام والأحلام .

وتتمثل التقنية المستخدمة لإستحضار ذكريات الحياة الماضية أو تجربة (PLR) في الإجابة عن مجموعة أسئلة يطرحها المنوم على الشخص الخاضع للتجربة ومن خلالها يتم الكشف عن أحداث ويجري إنتزاع بيانات وذكريات تتعلق بحياة سابقة مفترضة ،  وهي طريقة مشابهة للتقنية المستخدمة في علاج " استعادة الذاكرة "  Memory Recall ويعتقد بعض الممارسون أن المشاكل التي لم تحصل على حلول من الحياة الماضية المزعومة قد تكون سبباً في بروز مشاكل ومعاناة مرضاهم وخلال هذه التقنية يتبع الشخص المنوم مسار زمني عكسي تدريجي لطرح الأسئلة مع الخاضع للتنويم الإيحائي فيبدأ من لمحات من حياته الراهنة ومن ثم ينتقل إلى احداث أقدم فأقدم وهكذا حتى الوصول إلى حياته داخل رحم أمه ومن ثم ينتقل إلى حياة أخرى ماضية.

وفي العصر الحديث نجد عمليات العودة في الذاكرة  في أفعال مدام (بلافاتسكي) المؤسسة المشاركة لجماعة متصوفة وأعمالها تجذب إليها شعبية كبيرة خصوصاً في الغرب ، وقد بحث (آلان كارديك) في إستحضار ذكريات الحياة لماضية  (PLR) في كتابه " الأرواح والجنة والنار" ، و منذ عام 1950 طور أطباء وعلماء نفس ممارسات علاجية لهذا النوع من عملية الإستحضار وقد اكتسب هذا الإعتقاد مصداقية لأن البعض ادعى أنه يملك شهادة رسمية فيه على الرغم من أن هذه الشهادات تنحصر في مجالات ليس لها صلة سواء بعلوم الدين أو العلاج النفسي أو في مجالات أخرى تتعامل مع الحياة الماضية أو الصحة العقلية وبدأ جذور هذا الإعتقاد حينما سردت ربة منزل أمريكية من ولاية فرجينيا ذكريات مزعومة عن إمراة إيرلندية من القرن الـ 19 تدعى (بيردي ميرفي)  وعندما فشل التحقيق في الوثائق التاريخية في العثور على امرأة بهذا الإسم عزا البعض الامر إلى ذكريات الطفولة لسكان " تيجي " الذين عاشوا من قبل في المهجر الإيرلندي .

دراسات وأبحاث
هناك إجماع علمي على أن إستعادة الذكريات يحصل نتيجة الـ " كرايبتومنيزيا " وتعني " تذكر الخفايا " وهي الروايات التي صنعها العقل الباطن باستخدام الخيال إلا أن هذا العقل نسي معالجة المعلومات الأساسية المتصلة بها بحيث لا يمكن أو يصعب تمييز الذكريات التي يجري صنعها تحت تأثير حالة التنويم (الإيحائي) المغناطيسي عن الذكريات الفعلية ، وفي أحيان تكون هذه الذكريات نشطة وأكثر فاعلية من الذكريات الفعلية . وتبين أن أكبر محفز يدفع الأفراد ليسترجعوا ذكريات عن حياة سابقة هي معتقداتهم المبنية على تناسخ الأرواح فالمؤمنين بهذه المعتقدات يميلون أكثر إلى تقديم هذه الذكريات المزعومة على عكس ممن لا يؤمن بها.

ووجدت دراسة أجريت في عام 1976 أن 40% من الخاضعين لجلسات التنويم المغناطيسي يصفون شخصيات جديدة تستخدم أسماء مختلفة عن أسمائهم الفعلية وذلك حينما يقدمون ذكريات من "حياتهم الماضية" ،  وفي عام 1990 أجرى (سبانوس نيكولاس)  سلسلة من التجارب لدراسة طبيعة ذكريات الحياة الماضية فحصل على أوصاف متقنة للغاية عن حياة ماضية مزعومة مع أوصاف حية ومفصلة ، وأظهر البحث أن الأسئلة الإرشادية أو التلميحات التي يدلي بها القائم بالتنويم الإيحائي على الخاضعين للتنويم الإيحائي تكون مهمة جداً في خصائص الذكريات المبلغ عنها ، بمعنى أن الذكريات ارتبطت بالمواضيع التجريبية أكثر مما ارتبطت بمعتقدات تناسخ الأرواح والحياة الماضية .

وبحث (سبانوس) يقود إلى نتيجة مفادها أن الحياة الماضية ليست ذكريات وإنما هي تركيبة اجتماعية مستندة إلى مرضى يتصرفون كما لو أنهم شخص آخر لكن مع عيوب كبيرة من غير المتوقع أن توجد في الذكريات الفعلية وذكر (سبانوس) أن هذه التجارب كانت لمعلومات خارج موضوع التجربة كالتلفاز والروايات وتجارب الحياة والرغبات الخاصة .

هناك تعليق واحد:

  1. مساء الخير انا سينا عندي مدونة مهتمة بالظواهر الغريبة و الأساطير والسحر، كنت أتمني أن نتواصل اذا كان في الامكان
    عنوان مدونتي هو jeandoe27.blogspot.com

    ردحذف

عبر عن رايك وشاركنا بيه رايك يهمنا ..
ولكن الرجاء الألتزام بأدب الحوار والابتعاد عن المشاحنات وعدم التطرق الى الامور التي تثير الكراهية